وَطاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ | ببيداءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما |
أَخي جَفوَةٍ فيهِ مِنَ الإِنسِ وَحشَةٌ | يَرى البُؤسَ فيها مِن شَراسَتِهِ نُعمى |
وَأَفرَدَ في شِعبٍ عَجُوزاً إِزاءها | ثَلاثَةُ أَشباحٍ تَخالُهُمُ بَهما |
حفـاة عراة ما اغتذوا خبـز ملة | ولا عرفوا للبر مذ خلقـوا طعما |
رَأى شَبَحاً وَسطَ الظَلامِ فَراعَهُ | فَلَمّا بَدا ضَيفاً تَشمَّرَ وَاِهتَمّا |
فقال هيا رباه ضيف ولا قــرى | بحقك لا تحرمه تالليلة اللحمـا |
وَقالَ اِبنُهُ لَمّا رَآهُ بِحَيرَةٍ | أَيا أَبَتِ اِذبَحني وَيَسِّر لَهُ طُعما |
وَلا تَعتَذِر بِالعُدمِ عَلَّ الَّذي طَرا | يَظُنُّ لَنا مالاً فَيوسِعُنا ذَمّا |
فَرَوّى قَليلاً ثُمَّ أَجحَمَ بُرهَةً | وَإِن هُوَ لَم يَذبَح فَتاهُ فَقَد هَمّا |
فَبَينا هُما عَنَّت عَلى البُعدِ عانَةٌ | قَدِ اِنتَظَمَت مِن خَلفِ مِسحَلِها نَظما |
عِطاشاً تُريدُ الماءَ فَاِنسابَ نَحوَها | عَلى أَنَّهُ مِنها إِلى دَمِها أَظما |
فَأَمهَلَها حَتّى تَرَوَّت عِطاشُها | فَأَرسَلَ فيها مِن كِنانَتِهِ سَهما |
فَخَرَّت نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينَةٌ | قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما |
فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ | وَيا بِشرَهُم لَمّا رَأَوا كَلمَها يَدمى |
فَباتَوا كِراماً قَد قَضوا حَقَّ ضَيفِهِم | فَلَم يَغرِموا غُرماً وَقَد غَنِموا غُنما |
وَباتَ أَبوهُم مِن بَشاشَتِهِ أَباً | لِضَيفِهِمُ وَالأُمُّ مِن بِشرِها أُمّا |